لماذا تسعى روسيا لغزو أوكرانيا؟

البواعث خلف السعي الروسي لغزو أوكرانيا

ليس من قبيل الصدفة أن تتجه أنظار العالم في هذه الآونة الأخيرة نحو الشرق الأوروبي، حيث تحظى الأزمة الروسية الأوكرانية بجزء كبير من الاهتمام الدولي. يبدو أن الرغبة الروسية في فرض سيادتها أو ما يُمكن تسميته بالغزو لأوكرانيا قد باتت مثار تساؤلات كثيرة حول الأسباب والدوافع التي تقف خلف هذه التوجهات.

البُعد التاريخي والثقافي

تشترك روسيا وأوكرانيا في تاريخ طويل من التداخل والتأثير المتبادل الذي يعود إلى عصور ما قبل الحداثة، حيث كانتا جزءاً من الإمبراطورية الروسية. هذا التاريخ المشترك منح الروس على مر العصور شعوراً بالرابط الوثيق مع أوكرانيا، وأدى إلى ما يُعرف بالقومية الروسية التي تسعى إلى استعادة السيطرة على أراضٍ كانت تابعة لها سابقاً.

المخاوف الأمنية

من ناحية أخرى، هناك المخاوف الأمنية الروسية التي تنبع من توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً، واقترابه من الحدود الروسية، خصوصاً بعد انضمام دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية الأخرى للحلف. ترى روسيا في توجه أوكرانيا نحو الغرب ورغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والناتو تهديداً لأمنها القومي ومحاولة لإحاطتها بدول تعارض سياساتها.

المصالح الاقتصادية

لا يُمكن إغفال العامل الاقتصادي، فروسيا تعتبر أوكرانيا سوقاً هاماً وممراً أساسياً لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا. سيطرة روسيا على أوكرانيا تعني تعزيز قدرتها على التحكم في مصادر الطاقة في القارة الأوروبية وزيادة نفوذها الاقتصادي. علاوة على ذلك، يُعتبر القطاع الزراعي الأوكراني من القطاعات الواعدة والهامة التي تجعل من أوكرانيا سلة غذاء محتملة لروسيا.

المنافسة الجيوسياسية

في نهاية المطاف، يتصاعد الصراع على أوكرانيا في إطار المنافسة الجيوسياسية الأوسع بين الشرق والغرب، حيث تمثل أوكرانيا ساحةً لهذه المنافسة بفضل موقعها الاستراتيجي بين روسيا وأوروبا. يسعى الغرب لدعم أوكرانيا لتعزيز ديمقراطيتها واندماجها في النظام الأوروبي الغربي، فيما ترى روسيا في ذلك تهديداً لنفوذها في المنطقة ومحاولة لعزلها عن جيرانها وكبح جماح طموحاتها الإقليمية.

خاتمة

الأسباب وراء السعي الروسي لغزو أوكرانيا متعددة ومعقدة، تتشابك فيها الرغبات التاريخية والمخاوف الأمنية والمصالح الاقتصادية والديناميكيات الجيوسياسية. هذا الواقع يجعل من الصعوبة بمكان تبسيط الأزمة الروسية الأوكرانية إلى مجرد قضايا سوداء وبيضاء. إن فهم الدوافع وراء السياسات الروسية تجاه أوكرانيا يتطلب نظرة عميقة ومفصلة إلى الخلفية التاريخية والسياقات الإقليمية والدولية المعقدة.