من هو زيد بن حارثة: صحابي جليل
زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، صحابي جليل ومن السابقين إلى الإسلام، وهو الصحابي الوحيد الذكر بالاسم في القرآن الكريم، في سورة الأحزاب، الآية 37. هذا التميز يكفي للدليل على مكانته العظيمة ومنزلته الرفيعة في الإسلام. وُلد زيد في بالقرب من معان، الواقعة في جنوب الأردن اليوم، وتعرَّض في صغره للخطف والسبي، قبل أن يصبح مولى ومن ثم ابناً بالتبني للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
حياته قبل الإسلام
إن حياة زيد بن حارثة قبل الإسلام مليئة بالأحداث الجليلة والمؤثرة. عندما كان في الحوالي الثانية عشرة من عمره، اختُطف من قبل بعض قطاع الطرق خلال غارة على قبيلته، وبيع كعبد في سوق عُكاظ، حيث اشتراه حكيم بن حزام لخالته خديجة بنت خويلد. ومن ثم أصبح هديّة من خديجة لزوجها محمد قبل بعثته النبوية، وبذلك دخل زيد بيت النبوة وأصبح أحد أفراده.
إسلامه ودوره
كان زيد بن حارثة من السباقين إلى الإسلام ومن المؤمنين الأوائل الذين أسلموا بعد بعثة النبي محمد. أعلن إسلامه دون تردد أو تأخير، مبديًا بذلك إيمانه القوي والراسخ برسالة النبي، وبقي دائماً وفياً له. لقد كان لزيد دور بارز وفعّال في نشر الدعوة الإسلامية، وشارك في غالبية الغزوات والمشاهد التي خاضها المسلمون في حياة النبي.
منزلته وفضائله
طُبعت منزلة زيد بن حارثة في الإسلام بالمحبة والتقدير، حتى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يحبه حبًا جمًا وقد أعتقه وتبناه قبل أن تنهى آيات قرآنية التبني. المواقف التي يشهد لزيد بفضلها كثيرة، منها غزوة مؤتة، حيث كان قائد المسلمين في هذه الغزوة واستُشهد فيها مقاتلاً بشجاعة نادرة، مما يعكس النموذج الأعلى للفداء والتضحية في سبيل الله.
وفاته
توفي زيد بن حارثة شهيدًا في غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة، وقد كانت وفاته موجبة لحزن عميق في قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي قلوب المسلمين جميعًا. رثاه النبي بكلمات مؤثرة ودعا له، مؤكدًا مكانته العظيمة في الإسلام وضرب مثالاً يحتذى به في الوفاء والشجاعة.
زيد بن حارثة هو نموذج للصحابي الجليل، حيث حياته كلها مليئة بالدروس والعبر، من الصبر على المحن والبلاء في بداية حياته، إلى سرعة إجابته لدعوة الحق عندما جاءته، ثم مواصلة رحلته في الجهاد والتضحية حتى آخر لحظة من حياته. يُذكر زيد بن حارثة في التاريخ الإسلامي كرمز للوفاء والتفاني والشجاعة، ويظل ذكره محفورًا في قلوب المسلمين إلى الأبد.