لماذا سُميت سورة الشعراء بهذا الاسم؟

لماذا سُميت سورة الشعراء بهذا الاسم؟

تقف سورة الشعراء كإحدى الصفحات البرّاقة في المصحف الشريف، وتعكس بدورها ثراء القرآن الكريم وعمقه. فهي سورة مكية، ما يعني أنها نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، وتحديداً في المرحلة التي كان فيها التأكيد على العقيدة والإيمان ومسائل الغيب أهم الأولويات. لكل سورة في القرآن سرُّ تسميتها، ولسورة الشعراء خصوصيتها التي وجب الإشارة إليها والتعمق بها.

أصل التسمية

تأتي تسمية الشعراء من الإشارة المباشرة إلى هذه الفئة من الناس في الآيات 224-227 من السورة، حيث يعرض الله عز وجل حكماً بشأن الشعراء والشعر، فصّلاً لبيان طبيعتهم وما يمثلونه في المجتمع. يقول الله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا بَعْدَ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}. هذه الآيات تفصّل موقف الإسلام من الشعر والشعراء، مستثنيةً الشعراء المؤمنين الذين يستخدمون الشعر في اتجاهات هادفة وإيجابية.

السياق والرسائل

سورة الشعراء، بمحتواها العميق ومواضيعها الشاملة، لا تتوقف عند هذه الإشارة إلى الشعراء فحسب. في الواقع، هذه التسمية تقودنا لاستكشاف غنى السورة وتعدد رسائلها. تحتوي السورة على قصص متعددة لأنبياء الله مثل موسى وإبراهيم ونوح عليهم السلام، ما يعكس التأكيد على أهمية الإيمان ومواجهة التحديات بالصبر والثبات. كما تبين السورة عظمة الخلق والإعجاز القرآني، وتدين الظلم وتحذّر من عاقبته.

أهمية التسمية ودلالاتها

تسمية سورة الشعراء بهذا الاسم لها دلالات مهمة. أولها التمييز بين الشعر الهادف الذي يكون في سبيل الخير وبين ما يكون من الشعر مضللاً أو مؤثرًا سلبيًا على الأفراد والمجتمعات. ولعل في هذا الطرح إشارة إلى أهمية الكلمة وثقل مسؤوليتها، سواء كانت شعرًا أو نثرًا. كما تُظهر هذه التسمية عظمة القرآن الكريم وتفرده بين جميع الكلام، مبرزةً أن الشعر وإن كان له مكانته، إلا أن القرآن يظل هو الكلام الأعلى والأخير. الإشارة في السورة إلى أن هناك شعراء صالحين يذكرون الله كثيرًا ويستخدمون الشعر في الدعوة إلى الخير، هي رسالة للفنانين والمبدعين بأن يستلهموا من إيمانهم في خلق أعمال تعبر عن جمال الإيمان وعظمة الخلق.

ختامًا، سورة الشعراء تعد نموذجاً متميزاً لسور القرآن الكريم التي تجمع بين الإعجاز والبلاغة في توصيل رسائلها السامية. تسميتها بهذا الاسم تأتي لتؤكد على أن الشعر، كأي نوع من أنواع التعبير، يحمل في طياته القدرة على التأثير، سلبًا أو إيجابًا، وهو بذلك ينال نصيبه من التوجيه والتقويم في الإسلام. السورة بذلك ليست مجرد تناول لموضوعة الشعر إنما هي استعراض موسع لمعاني الإيمان، الدعوة، الصبر، والإصلاح.